جيل 2030 تحط الرحال بجهة سوس ماسة : بين مقتضيات الحاضر وتحديات المستقبل

بقلم: فيصل أمشاشتو

في مدينة أكادير، حيث تلتقي رياح الأطلسي بنسمات الجبال الشاهقة، انعقد اللقاء الجهوي لمبادرة “جيل 2030” يوم السبت 22 مارس 2025، فكان ملتقىً اجتمع فيه صفوة الشباب وأهل الرأي والسياسة، يطرحون الأسئلة، ويتداولون الرأي، يتقصّون العلل، وينظرون في العواقب.
لقد تميّزت هذه التظاهرة بحضور شبابي ، تجاوز 300 شاب و شابة ، جاؤوا من الأقاليم 6 لجهة سوس ماسة يبتغون الفهم، وينشدون الإصلاح، إذ لا يخفى أن الواقع الذي يجد فيه الشباب أنفسهم اليوم موسوم بتحديات صعبة ، منها ما هو ماديّ كالبطالة وصعوبة الولوج إلى سوق الشغل ومنها ما هو معنويّ يتمثل في شعورهم بالإقصاء و التهميش وكأنهم بعيدون عن من ينصت لهم ولا يعبؤون بآمالهم.
في جوهر المبادرة ومقاصدها
إن “جيل 2030” ليس شعاراً فقط، ولا دعوة جوفاء، وإنما هي بادرة مدروسة و فعالة وضعت بإمعان، تسترشد بالحكمة السياسية وتستلهم التجارب السابقة وتجعل من الشباب قطب المشاركة السياسية و المشاركة في وضع السياسات العمومية تنزيلها بمنظور شبابي إذ الغاية أن يكون لهم موطئ قدم في مراكز القرار، وأن يصبحوا طرفاً فاعلاً لا مجرد متفرجين على مسرح الأحداث و مجرد و سيلة
فالمبادرة إذن تنظر إلى الشباب لا بوصفهم كياناً هامشياً، بل كقوة ولبنة أساسية في عمران المجتمع، فإذا كان السياسيون في الماضي القريب يتحدثون عنهم وكأنهم محض أرقام في الإحصاءات، فإن الرؤية الجديدة تجعل منهم صانعي المصير، مدركين لما يحيط بهم من متغيرات قادرين على التأثير في مجريات الأمور مساهمين في بناء مغرب الغد
طريق المونديال 2030
لم يكن اللقاء محض مهرجان خطابيّ، ولا مناسبة لالتقاط الصور، بل كان ملتقىً تلاقحت فيه الأفكار، وتجادلت فيه الرؤى حيث أصغى الشباب للمسؤولين كما أصغى المسؤولون للشباب في تواصل حقيقي لم تألفه الساحة السياسية من قبل.
وقد أُجمع على أن مشاكل الشباب كثيرة تتعدد أسبابها وتتداخل آثارها فهي لا تقتصر على البطالة و التشغيل فقط بل تمتد إلى الصحة والتعليم والسكن والتنقل والعدالة المجالية مما يستدعي حلولاً أفقية شاملة لا مجرّد تدابير جزئية أو ترقيعية فلا صلاح للوضع إلا بتشخيص عميق واستماع متأنٍّ وإرادة حقيقية للإصلاح من أجل جيل 2030 و مغرب 2030
خصوصية سوس-ماسة: بين الضرورة والإمكان
إن الحديث عن الشباب في جهة سوس-ماسة حديث له خصوصيته إذ أن هذه الجهة رغم ما تملكه من إمكانات طبيعية وبشرية لا تزال دون المرتبة التي تليق بها ولعلّ أبرز ما طُرح في اللقاء هو ضرورة النهوض بأكادير لتصبح قطباً اقتصادياً لا في الكلام فحسب و تارودانت و تيزنيت و طاطا قطب سياحي و شتوكة قطب فلاحي بل في الواقع الفعلي بما يتيح للشباب فرصاً حقيقية في العيش الكريم والعمل المنتج والمشاركة الفاعلة في مسيرة بناء مغرب جديد و بشعار تمغرابيت
توصيات اللقاء: نحو رؤية مستقبلية
لقد أسفر النقاش عن جملة من التوصيات، نوردها على سبيل التذكير لا الحصر:
• تمكين الشباب من المشاركة السياسية الفعلية، فلا يكفي أن يكونوا موضوع نقاش بل يجب أن يكونوا شركاء في صنع القرار و جزء من وضع السياسات العمومية .
• إرساء ثقافة الحوار والإنصات، حيث أن الاستماع العميق لمطالب الشباب أولى خطوات الفهم والفهم أساس الإصلاح.
• إعطاء جهة سوس ماسة المكانة الاقتصادية التي تستحقها، باعتبارها منطقة ذات إمكانات كبرى، تستوجب سياسات عادلة تُخرجها من دائرة التهميش.
• إيجاد حلول شاملة لمشاكل الشباب، بحيث لا يُنظر إلى كل مشكلة بمعزل عن الأخرى بل يُؤخذ الأمر ككل مترابط، لا يتجزأ.
• إعلاء قيمة المبادرة الذاتية، إذ أن الشباب ليسوا في حاجة إلى وعود خاوية فارغة بل إلى فضاء يتيح لهم المشاركة ، ويمنحهم أدوات النجاح.

إن هذا اللقاء، بما شهده من نقاش وتفاعل، يُعدّ خطوة في مسار طويل لا بد أن يستمر حيث أن مغرب 2030 لا يبنى بالخطب ولا بالمواسم العارضة، وإنما يشيَّد بالجهد الدؤوب، وبالنفوس المقتنعة أن الغد لا يُوهب، بل يُصنع، وأن العمران لا يستقيم إلا إذا كانت الإرادة السياسية متصلة بإرادة الشعب، وكانت الحكمة السياسية ممتزجة بروح الشباب و مبادرة الشباب فيكون الإصلاح و الإستعداد ل 2030 آنذاك ممكناً ويكون المستقبل الشباب بجهة سوس ماسة و المغرب على خير و على إستعداد لإنجاح كل التظاهرات التي سينظمها المغرب