الرهان الكبير 2030

بقلم: نبيل بلقاس

دائما ما كانت نظرتنا إلى العمل الحزبي و المؤسسة الحزبية نظرة تتسم بالتشاؤم و التوترات خاصة من المنظور الشبابي المحض و لو من داخل المؤسسات نفسها ، ذلك أن غالبية الأحزاب المغربية طيلة الربع القرن الماضي لم تستطع مواكبة مسار التجديد و الرؤية الجديدة التي جاء بها صاحب الجلالة ، بل و ظلت رهينة أيديولوجيات عفى عنها الزمن تارة ، و تارة أخرى حبيسة أمجاد و أوهام أضحت من أطلال الماضي  .


حتى أصبح الشاب المغربي اليوم لا يرى فرقًا بين حزب وآخر، سواء كان يساريًا أم ليبراليًا أم إسلامويًا أم وسطيًا،
فكلهم سواسية في نظره، وهذا طبيعي ومنطقي في ظل تناسخ الممارسات والأعراف السياسية التي تتكرر هنا وهناك،
والضحية الأكبر هو الشاب نفسه , إن طموح الشباب في تسلق السلم الحزبي هو طموح مشروع، بل ومطلوب لتجديد النخب السياسية على المدى البعيد، و هو ما أصبح تحديا حقيقيا في غياب إنتاجية النخب إلا أن غالبية الأحزاب لم تستوعب الدرس جيدًا، ولو أن بعضها أصبح يدّعي القدسية لمجرد كونه ذو مرجعية معينة أو قام بإنجاز ما في ظل حكومة معينة .

اليوم، يتجه المغرب نحو إنتخابات ، أجزم أنها ستكون الأهم منذ مطلع القرن الواحد والعشرين ، ليس فقط بسبب المونديال و الفرص و التحديات التي تصاحبه ، بل لأن هناك توجه جديد و دماء جديدة و روح جديدة تم ضخها في كل مؤسسات الدولة و هو ما إستوعبه حزب الأصالة و المعاصرة جيدا خاصة منذ المؤتمر الوطني الخامس التاريخي الذي أسفر عن قيادة جماعية هي الأولى من نوعها في تاريخ العمل الحزبي في بلادنا

إلا أن الإبداع قد تجاوز الهيكل الحزبي وامتد إلى شباب الحزب الذين كانت لهم الجرأة اللازمة لخلق مبادرة
2030جيل ” والتي أؤمن أنها ستكون نقطة فصل في تاريخ المشاركة الشبابية في الحياة السياسية في بلادنا و المسماة
مبادرة وُلدت من أفكار شباب مغاربة وموجهة إلى الشباب المغاربة، بدعم من الحرس القديم والقيادة الحزبية .


و ربما لم يعد غريبًا أن نرى أي مبادرة يقودها السيد مهدي بنسعيد في إطار وزارة الشباب تتخذ منحى يجعلها مبادرة متجددة
وتاريخية، إلا أن الواقع يثبت حاليًا أن كل ذلك جزء من توجه حزب بأكمله، توجه سيجعلنا ربما نرى أول امرأة على رأس
حكومة مغربية، ولكن كذلك مشاركة سياسية تاريخية للشباب المغربي .

فإذن, 2030 تتجاوز كونها مجرد سنة عادية مرتبطة بحدث ما ، بل هي توجه و خطة شاملة لمغرب جديد ، و لو أني حتى خلال زيارتي الرسمية لدولة أوزبكستان الشهر الماضي مثلا و لقائي بوزراء و برلمانيين و قادة شباب وجدت أنه حتى في أوزبكستان و دول بعيدة جدا لديهم كذلك “رؤية 2030” ، إلا أن عزمنا أكبر من فقط إنجاح المرحلة بل تجاوزها و جعلها نقطة تحول مسار هاته الأمة العظيمة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس . .
و تظل اليوم الرهانات كبيرة على نجاح مبادرة جيل 2030 و التي ستحدث ثورة حقيقية على مستوى العمل السياسي الشبابي في بلادنا ذلك أنها فكرة كانت تخامر عقل شباب مغربي أبى إلا أن يجعلها منصة لكل الشباب و يخرجها للنور مطلع هذا الشهر بالعاصمة الرباط و إن كان نجاح المبادرة يدل على شيئ فإنما يدل على أن حزب الأصالة و المعاصرة لم يكن يوما بعيدا عن الشارع العام وعن تطلعات المواطنين و في طليعتهم الشباب و لم ينهج أبدا سياسة البرج العاجي في التعاطي مع التحديات و الإرهاصات التي تواجه فئات المجتمع و لعل ذلك هو سبب إختيار شعار ذو دلالة عميقة للمبادرة ألا و هو : أمل و كرامة …