
مبادرة جيل 2030.. من العزوف إلى الفعل: دعوة شبابية لاستعادة الثقة في السياسة
بقلم: حكيم وملوك
لن أخفيكم سرًا،
كنتُ مثل كثير من الشباب أرى في السياسة عالمًا مغلقًا، تحكمه المصالح الضيقة ويهيمن عليه من يسعى لتحقيق أهدافه الخاصة. لم أكن أرى فيها أداة للتغيير، بل أراها لعبة عبثية لا تستحق المتابعة، فكيف بالمشاركة؟
كنت مقتنعًا أن الانخراط السياسي مضيعة للوقت، وأن صوتي، كمواطن شاب، لا يُسمع ولا يُعتبر.
لكن حدثًا واحدًا قلب هذه القناعات: جائحة “كوفيد-19”.
خلال تلك الفترة العصيبة، قررنا أنا وبعض أصدقاء الحي إطلاق مبادرات تطوعية لتعقيم الأزقة وتوعية الساكنة بمخاطر الفيروس.
وفي قلب تلك الأزمة، وسط روح التضامن والعمل الجماعي، بدأ يتسلل إليّ إحساس جديد بالمسؤولية.
كان الناس يشجعونني على الترشح للانتخابات الجماعية، وكان ذلك أول احتكاك لي بفكرة أن العمل السياسي يمكن أن يكون امتدادًا للعمل التطوعي، وأداة حقيقية لخدمة الآخرين.
وبفضل دعمهم، ترشحت فعلاً وأصبحت عضوًا بمجلس جماعة القصيبة،
رغم أني لم أكن أعرف شيئًا عن القوانين التنظيمية أو هياكل الجماعة أو طرق التسيير.
دخلت كمبتدئ، أتابع وأتعلّم، أسأل، أبحث، أقرأ، أستمع، وأكتشف تدريجيًا أن السياسة ليست كما كنت أظن، وأن التغيير ممكن… فقط حين نقرر نحن أن نكون جزءًا منه.
اليوم، بعد تجربة متواضعة، أؤمن إيمانًا راسخًا أن مشاركة الشباب في السياسة لم تعد خيارًا، بل ضرورة.
سواء عبر الترشح أو التصويت الواعي أو الترافع المدني، فإن صوت الشباب يجب أن يكون حاضرًا في قلب القرار، لا على هامشه.
نحتاج إلى شباب يختارون ممثليهم عن وعي، ويقترحون الحلول، ويصيغون البدائل، ويطالبون بحقهم في تنمية عادلة ومستقبل أفضل.
من هنا، أرى أن مبادرة “جيل 2030” تمثل فرصة ثمينة لإعادة بناء الثقة بين الشباب والعمل السياسي.
فهي تفتح المجال أمامهم للتعبير عن آرائهم، واقتراح مشاريع تعكس تطلعاتهم، والدفاع عنها داخل المؤسسات المنتخبة.
إنها دعوة إلى التحول من موقع “المتفرج” إلى موقع “الفاعل”.
لقد أدركت أن التغيير لا يأتي من النقد السلبي أو العزلة عن الواقع،
بل من المشاركة الفعالة، من أن نكون داخل المؤسسات لا خارجها، ومن أن ننتقد لنُصلح، لا لنُحبط.
إن مستقبل السياسة في المغرب يمر عبر الشباب…
والشباب لا يجب أن ينتظر أحدًا ليمنحه المكان، بل عليه أن يفرض وجوده ومكانه، بصوته، ووعيه، وفعله.